كتب ـ غريب سعد
مشروعات عملاقة على أرض المنيا، امتدت لها يد الدولة لإعادتها إلى الحياة من جديد، لتعود محافظة المنيا عروس الصعيد كما كانت فى الماضى، وتنوعت المشروعات الكبرى والتى أوشكت على الانتهاء، ومنها تطوير المناطق الأكثر جذبا للسياحة بينها منطقة أثار البهنسا ببنى مزار، تلك المنطقة التى تحتضن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة بدر، وهى مقصد لكل أهالى محافظة المنيا والدول الإسلامية ويطلق عليها البقيع الثانى. وتشهد المنطقة خلال الفترة الماضية تطويرا كبيرا من حيث الطرق والترميم وأعمال الدهانات والإضاءة لتكون جاهزة لاستقبال الزائرين من داخل مصر وخارجها، والذى وجه به الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، خلال زيارته للمنطقة، وقد كان أبرز زائرى المنطقة، الشيخ عبد الحليم محمود، والشيخ محمد سيد طنطاوى. عندما تضع قدمك فى مدخل المنطقة تشعر بإحساس تقشعر له الأبدان عندما يتلاحم مشهد المقابر وصور القباب المتلاصقة، فهو مشهد مهيب يجعلك تقف تقديرا لشهداء غزوة بدر والأموات من الفقراء الذين تتلاصق مقابرهم مع مقابر الصحابة لذلك يطلق عليه "البقيع الثانى" نظرا لأنه يضم عشرات الصحابة من الذين شاركوا فى غزوة بدر مع الرسول الكريم" صلى الله عليه وسلم".و وتشتهر بجباناتها وتلالها الأثرية وموالد الأولياء والشهداء، وقد مر بها العديد من التطورات والتغيرات على فترات وحقب التاريخ المختلفة بداية من العصر الفرعونى ثم اليونانى والرومانى نهاية بالعصر الإسلامى، وكانت ذات مكانة هامة فى العصر الإسلامى، ودل على ذلك العديد من الأثار العمرانية القائمة
والدارسة التى كانت تزخر بها مدينة البهنسا من جوامع وقباب ووكالات وحمامات وإزدهار الفنون بها ومن أهمها النسيج والخزف والفخار والمسكوكات.وتعتبر البهنسا متحف تاريخى مفتوح وذلك من عصور مصرية قديمة ووجدت بها لأثار تدل على تاريخ هذه الفترات المتعاقبة على مصر، وكانت البهنسا قبل الإسلام تسمى بمج أو بمجة وهى كلمة قبطية ومن هنا سماها العرب المسلمون بالبهنسا، وفى أواخر العصر الإسلامى عرفت بالبهنسا الغربية تمييزا لها عن قرية صندفا التى عرفت بالبهنسا الشرقية فهما متقابلتان على شاطىء بحر يوسف وكانت صندفا من أهم شون الغلال أيام على باشا مبارك.البهنسا ليست هى القرية الحالية ولكنها تقلصت نتيجة للتطور الإدارى واختلاف وسائل المعيشة من عصر لآخر، حيث كانت تمتد من الواسطى بنى سويف إلى الفسم الشمالى من محافظة المنيا مركز سمالوط.وكانت الواحات تابعة إداريا للبهنسا تبعد عنها بحوالى 160 كم وكانت تمر بها التجارة والمواصلات عن طريق عرف (درب البهنساوى )، حيث ذكر المقريزى فى خططه ومن البهنسا يمرون إلى الواحات.وذكرها الرحالة غبن بطوطة بأنها مدينة كبيرة وبساتينها كثيرة وتصنع بها الصوف الجيدة والنسيج المطرز، وقال ثم سافرت منها إلى مدينة البهنسا وهى مدينة كبيرة وبساتينها كثيرة، " وضبط إسمها بفتح الموحدة وإسكان الهاء وفتح النون والسين " وتصنع بهذه المدينة ثياب الصوف الجيدة، وممن لقيته بها قاضيها العالم شرف الدين، وهو كريم النفس فاضل، ولقيت بها الشيخ الصالح أبا بكر العجمى، ونزلت عنده وأضافنى، ثم سافرت منها إلى مدينة منية إبن خصيب، وهى مدينة كبيرة الساحة متسعة المساحة مبنية على شاطئ النيل، وحق حقيق لها على بلاد الصعيد التفضيل. بها المارس والمشاهد والزوايا والمساجد، وكانت فى القديم منية عامل مصر الخصيب، وذكر الواقدى بأنه حضر البهنسا عشرة الاف عين رأت النبى صلى الله عليه وسلم وسبعون بدريا ممن حضروا غزوة بدر مع الرسول والأمراء والسادات وأصحاب الرايات 1400 ودفن بأرض البهنسا نحو 5000 صحابى.وقد سميت بإسم مدينة الشهداء، حيث أن المدينة إستعصت فى بداية الأمر على جيش المسلمين ولم تفتح إلا بعد سقوط العديد من شهداء الصحابة والتابعين وهذا مادل عليه عدد القباب الموجودة على أرض البهنسا والتى تنسب إلى شهداء الصحابة مثل محمد بن عقبة بن عامر الجهنى، وزياد بن الحارث بن عبد المطلب، وأبان بن عثمان بن أبان، وعبد الرحمن بن أبى بكر الصديق وغيرهم والمنطقة تفد إليها الزيارات على مدار أيام الأسبوع وتزداد خلال أيام الجمعة والأعياد والمواسم سواء زيارات داخلية أو خارجية، ومن أبرز الشخصيات التى زارت البهنسا فى الحقبة الماضية كان الشيخ عبد الحليم محمود، والشيخ سيد طنطاوى شيخا للأزهر الشريف.وقد تم عمل بروشور عن أثار البهنسا من خلال وزارة السياحة والأثار وتاريخها وذلك لتوزيعه على الزيارات الوافدة للبهنسا.ومن ناحيته قال اللواء أسامة القاضى، محافظ المنيا، إنه جارى العمل حاليا فى تنفيذ 3 مشروعات بقطاع السياحة والآثار بإجمالى تكلفة 225 مليون جنيه منها مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة بمنطقة دير جبل الطير بمركز سمالوط وتطوير منطقة آثار البهنسا الإسلامية بمركز بنى مزار وكذلك أعمال استكمال مشروع إنشاء المتحف الآتونى بكورنيش النيل، والذى يعد أكبر ثالث متحف فى مصر بعد المتحف المصرى الكبير " متحف الحضارة".وتزخر المنطقة بالعديد من قباب الصحابة ومن بينها قبة محمد الخرسى والحسن الصالح والسيدة رقية وكذلك قبة السبع بنات وهى نوع انحدار ومراغة يتمرغ فيه الناس من الرجال والنساء طلبا للشفاء، وقبة أبو محمد يوسف بن عبد الله التكرور وهو أحد الأمراء المغاربة، وكذلك قبة الأمير زياد بن أبى سفيان وهواة بنت الأزور وعلى الحمام وأولاد عقيل.