تونس - على العربى
ادب الزنزانة هو من المواضيع المثيرة التي برزت خلال العقدين الأخيرين و كان اصحابها من المعتقلين السياسيين في الدول الغربية و خاصة أمريكا زمن انتفاضة السود في مقاومة غطرسة الامبرالية و دحضها لكل فكر متحرر مقاوم تمرد عن الواقع الاجتماعي و في مقدمتهم الناشط مارتن لوثغ كينغ جنيور و رسالة الشهيرة التي كتبها من داخل زنزانه " رسالة من السجن" التي ذاع صيتها في ذلك الوقت و أصبحت من العلامات الفارقة لما حملته تأملات حياتية تجاوزت الجدران..
كذلك لا ننسى الأديب الاسباني سرفانتس الذي أودع السجن بتهمة اختلاسه للمال العام حيث جعل من زنزانة السجن فضاء حر للكتابة و الاقتباس حيث
طالعنا بروايته الشهيرة " دون كيشوت" التي مثلت علامة مضيئة وسط كلاسيكيات الرواية العالمية..
و في العصر الحديث نجد ربما من الكتاب الزعيم الجنوب الافريقي الراحل نلسون مونديلا التي قضى أكثر من 27 سنة في السجن ليطالعنا بكتابه الشهير " حوارات مع نفسي " الذي مثل نقطة تحول في ادب المقاومة حيث اعتبره النقاد مصدر الهام لكل شخص يسعى لمقاومة الظلم و الطغيان من أجل ارساء أسس و مقومات العدالة الكونية التي لا تستني أحدا كما تعطينا مجالا للتعبير بحرية بعيدا عن كل أشكال المنغصات التي فرضتها الانظمة الديكتاتورية..
هذا الأدب( النوعي) الذي انتجته الزنزانة ساهم في تعبيد الطريق أمام الشعوب الحرة المناضلة ليصبح اليوم للأسف أداة نفعية في أيادي جبانة و عقول عابثة ساهمت بشطحاتها في احداث شرخ كبير وسط النسيج الاجتماعي قافزة عن الضوابط و النواميس و الاعراف...
فما أسهل أن تكون مبدعا في هذا الزمن الغابر الذي رفع الخسيس و دنس الرفيع لينتج (وعي ) وضيع لا يقبله العاقل و لا حتى الرضيع..